الاهمال الطبي - ما هو؟
أصدرت الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحده، واحدة من المؤسسات الأكاديمية الرائدة في العالم، تقريرا مخيفا في عام 1999 مشيرا إلى أن مسبب الوفاة رقم 8 في الولايات المتحدة -هو خلل في تقديم علاجات طبيه.
ووفقا لهذا البحث المهم، يلقى عشرات الآلاف من الامريكيين حتفهم بسبب تعقيدات أثناء العلاج الطبي.
والغرض من هذه القائمة القصيرة، هو محاولة لشرح بلغة بسيطة، ما هو سوء الاهمال الطبي،و ما هو الفرق بين “الإهمال الطبي” وبين خطأ طبي أونتيجه طبيه اخرى ليست بإهمال.
عندما نستخدم كلمة “إهمال” نقصد أن نقول أن شخصا أو صاحب مهنه، تصرف بلا حذر، وفي صوره تحيد عن ما تتطلبه قواعد السلوك المهني المقبول من حيث المهنة.
وبنفس الطريقة، فمن المهم أن نفهم أن ليس في كل مرة تتسبب نتيجه خطيرة طبيا، يصبح الشيئ, تلقائيا , اهمال طبي.
للتحقق ما إذا حدث معين يندرج تحت الاهمال الطبي، فمن الضروري فحص خطوة خطوة كل الأحداث، وطريقة اتخاذ القرارات والإجراءات التي قام بها الطبيب أو المؤسسة طبية، والمقارنة بين ما حدث فعلا ، وبين ما كان ينبغي القيام به (على النحو الذي تحدده المراجع الطبية المتعارف عليها في تلك المهنه).
وبطبيعة الحال، أن شخصا ما مع ثقافه طبيه لديه ميزة كبيرة في فحص احداث من هذا النوع، والتي تتطلب ايضا فهما في المصطلحات الطبية المستخدمة من قبل الأطباء، وبالطبع تدبر امره في المراجع الطبية.
نعطي مثالا: عندما وصلت مرأة في الاسبوع ال 40 إلى غرفة الولادة، ومعروف ان الوزن المقدر لجنينها هو أكثر من 4.5 كجم، وعلى الرغم من أن الرصد يشير الى ضائقة جنينية لا يولدونها بعملية قيصرية، ولكن القرار الطبي هو أن تكون لها ولادة طبيعية، و إذا فذلك القرار هو خاطئ ولا يتفق مع معيار طبيب التوليد المعقول/المنطقي.
لماذا يحدث هذا؟ – هناك أسباب عديدة للخلل. وترجع بعضها إلى خبره وتمكن مهني ليس كاف من المعالجين، وجزء آخر يرجع الى ثقافة تنظيمية إشكالية جدا في المنظمات الصحية حيث ان الأطباء الشباب يخافون الاتصال ليلا لاستدعاء كبار الأطباء ،(على الرغم من ان كبار الأطباء يتلقون عن هذا زيادات في الأجور تحت مسمى “حالة تأهب”). كل ملف وظروفه الخاصة.
هل كلما كان السلوك الطبي أو اتخاذ القرار خاطئ يمكن رفع دعوى الاهمال الطبي؟ – الجواب هو لا. من الناحية القانونية، ولتمكين تقديم دعاوى الاهمال الطبي هنالك ضرورة، انه بالإضافة إلى القرارات الخاطئة والفشل المهني في ادارة الحاله ايضا تسبب الضرر. أيضا، يجب وجود علاقة سببية بين الخلل والخطأ المهني وبين الأضرار الناجمة.
للتأكيد, دعوى الاهمال الطبي هي عن الضررالذي تسبب، ومبلغ التعويض المحكوم به يعتمد على مقدار الضرر الذي تسببت فيه.
هناك عدد غير قليل من الحالات، حيث يكون هناك خطأ خطير في إدارة حالة طبية، ولكن المريض لم يتضرر حينها لا يوجد أي تعويض. من ناحية أخرى هناك حالات حيث العكس بان الخطأ ليس بالذريع، ولكن النتائج الطبية فظيعه فحينها تكون تعويضات أعلى.
بالعودة إلى مثال الأم مع الجنين ذو وزن أكثر من 4.5 كجم – إذا انتهت الولادة الطبيعية بسلام، وعلى الرغم من أن القرار خاطئ (عدم توليدها بعملية قيصرية) ليس هناك مجال لتقديم دعوى, ومع ذلك، إذا كان التأخير في إنقاذ الجنين، وحقيقة عدم قيامهم بعمليه قيصرية تسببوا بضرر للجنين اذا لدينا اساس لرفع دعوى، وكحجم الضرر يكون حجم التعويضات التي يمكن أن تصل إلى عدة ملايين من الشواقل.
من هم اصحاب المهن المدعى عليهم بالاهمال الطبي؟ الجواب الكلاسيكي هو الأطباء. ولكن أكثر وأكثر، وعندما نحلل الحدث الطبي، نحن نرى أن الممرضات لم يقوموا بالمتابعة حسب الحاجة، أو ان المهنيين الطبيين أخطاوا، مثل فني الموجات فوق الصوتية الذي لم يحلل الفحص/الصوره بشكل صحيح. بالإضافة إلى كل ذلك، وفي عصر التقشف الاقتصادي، نحن ندعي على المديرين التنفيذيين في مؤسسات الرعاية الصحية التي قادتهم الاعتبارات الاقتصادية بدلا من الاعتبارات الطبية، ومنعوا المرضى من العلاج أو الفحوصات اللازمه فقط بسبب تكلفتها العالية. ليس هناك شك في أنه على خلاف الماضي حيث كنا نرفع دعاوى قضائية تناولت عمليه جراحيه فاشله او ولادة فاشلة ، نحن اليوم ندعي أيضا على ضوء حقيقة أن الاعتبارات الاقتصادية قد أدت إلى إدارة فاشله لهذه الحاله.
فكيف يتم ذلك؟ – وكما ذكر أعلاه، فإن الخطوة الأولى هي دراسة مسارات اتخاذ القرارات وادارة الحاله. ولهذا الغرض يقوم المحامي المكلف بجمع الملفات الطبية، وقراءتها بعناية وتحليل دقيق لوقائع الحاله، في حين يوظف أيضا خبرته الطبية منذ المرحلة الأولى. يجدر القول ان هذه المرحله مهمه جدا في نجاح القضية. في نهاية هذه المرحلة، يقدم المحامي للمتوجه اليه تقييم مهني للحالة، ما إذا كانت هناك أساس لرفع دعوى أم لا، وكيفية المضي قدما.